مع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة، عالمياً ومحلياً، يطرح في المغرب سؤال محوري وهو كيف سيؤثر هذا التحول التكنولوجي العميق على المهن في المغرب؟
وبين فرص واعدة وتحديات حقيقية، يسعى الفاعلون الاقتصاديون والأكاديميون إلى استشراف مستقبل سوق الشغل، وإعادة تصور السياسات التكوينية والممارسات المهنية في ضوء المتغيرات الجديدة.
وفي هذا الصدد، أجمع مشاركون في ندوة فكرية نظمتها جامعة الأخوين بشراكة مع مجموعة لوماتان، بمدينة الدار البيضاء، أمس الأربعاء، تحت شعار "قابلية التشغيل والتنافسية في عصر الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص بالنسبة للمغرب"، على أن الذكاء الاصطناعي يسرع التحول العميق في أنماط التشغيل والتكوين والتنافسية، ما يستدعي تغييرات جذرية في المقاربات المعتمدة.
وأكد مهدي التازي، نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن الذكاء الاصطناعي أصبح يعيد تعريف قابلية التشغيل والوظائف بعمق، مشيراً إلى أن مكاتب الاستشارات لم تعد بحاجة إلى فرق عمل كبيرة لإنجاز المهام التحليلية، إذ يمكن لفريق صغير مدعوم بالذكاء الاصطناعي تنفيذ نفس العمل في وقت قياسي، موضحا أن التأثيرات تشمل مجالات متعددة، مثل الاستشارات القانونية، والطب، والألعاب الإلكترونية، والأمن السيبراني، داعياً إلى ابتكار مهن جديدة لمواجهة اندثار عدد من المهن التقليدية.
كما شدد التازي على ضرورة إجراء إصلاحات في منظومة التعليم، تشمل إدماج محتوى خاص بالذكاء الاصطناعي ومهارات البرمجة، لتمكين الأجيال الصاعدة من مواكبة التغيرات المتسارعة في سوق الشغل.
من جانبه، تطرق رئيس جامعة الأخوين، أمين بنسعيد، إلى تجربة الجامعة في الاستجابة للتحولات الرقمية، مشدداً على أهمية تطوير نموذج بيداغوجي جديد يقوم على شراكة فعلية بين الجامعة والطلبة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح منذ نونبر 2022 جزءاً من البرنامج الدراسي من خلال ورشات تدريبية لفائدة الأساتذة، بهدف دمجه في جميع التخصصات، مشيرا إلى أن نحو 20% من الطلبة يجمعون بين الدراسة والعمل، سواء داخل الحرم الجامعي أو خارجه، في إطار مقاربة شاملة تستهدف تنمية الكفاءات المهنية والعملية.
يذكر أن الندوة شهدت في الأخير إصدار توصيات ركزت على ضرورة بلورة سياسات تكوينية مرنة، بالتعاون مع الفاعلين الاقتصاديين، تستجيب لحاجيات السوق وتواكب الطفرات التكنولوجية.